اعتنى العرب بالدّراسات الصوتيّة منذ زمن بعيد، وكانت الجّذور الأولى لهذا الجانب نابعة من نواحٍ دينيّة في الأساس، فبدأت متمثلة بعنايتهم بالقرآن الكريم وقراءاته، واهتمامهم بمخارج الحروف، وكان أول من أسس لهذا العلم في تراثنا العربيّ هو الخليل بن أحمد الفراهيديّ(170ه)، بمعجمه (العين) الذي بناه على أساس صوتيّ، وتبعه مجموعة من العلماء العرب .أمّا أهمية الدّراسة في الجانب الصوتيّ فتتمثل في أنّ دراسة مخارج الحروف تسهم في معرفة جميع العناصر الصوتيّة للصوت الواحد التي تميّزه عن غيره، فضلاً عن صفاتها التي تتحلى بها، من جهر وهمس، وشدة ورخاوة، وتفخيم وترقيق، وقوة وضعف، وما لهذه الصفات من تأثيرات في تشكّل الظواهر اللغويّة واللهجيّة المختلفة، وفي استنتاج العلل المسببة لها.ويرى علماء اللّغة المحدثون أنّ علم الأصوات هو حجر الأساس لأية دراسة لغويّة، حتّى أنّ بعضهم دعا إلى تقديم الدراسة الصوتيّة على الدراستين النّحوية والصّرفية، فهم يعدّون الصوت منطلقًا رئيسًا كي يفهم الدارس أسرار اللّغة وخصوصيتها، فتتشكل بذلك دراسات علمية صحيحة.