وظائف اللغة عند جاكبسون والأفعال الكلامية عند سيرل (علاقة التأثير والتطور)
الملخص
نمت الدراسات اللسانية في الآونة الأخيرة نموّاً جوهرياً في استخدام المناهج والنظريات التي تساعد على فهم اللغة والتعرف عليها، مما أسفر عن ظهور فهم متنوع لدراسة اللغة ووظيفتها، ومن هذه النظريات نظرية التواصل اللساني التي نظّر لها رومان جاكوبسن، إذ تعدُّ من النظريات اللسانية الحديثة التي تقدم رؤى عميقة حول كيفية استخدام اللغة والوظائف التي تقوم عليها قصد تحقيق الأهداف التواصلية، فضلاً عن أنّه قدّم إطارًا بنيويًا لفهم العناصر المختلفة التي تتضمنها عملية التواصل، مثل المرسل، الرسالة، المتلقي، والشفرات المستخدمة، إلى جانب هذه النظرية تولّدت نظرية جديدة في التداولية كامنة في نظرية الأفعال الكلامية لسيرل التي تعد امتدادًا لنظرية "أوستن" حول "كيف تفعل الأشياء بالكلمات"،إذ تركز على تحليل الأفعال التي يؤديها الأفراد من خلال اللغة، مثل الوعد، الأمر، والسؤال، وكيفية تأثير هذه الأفعال في المتلقين، وتشكل هذه النظرية دعامة أساسية في دراسة اللسانيات التداولية التي حاولت البحث في إيجاد العلاقة بين اللغة والاتصال؛ لأن (جون سيرل) طورها في كتابه (الأفعال اللغوية) سنة 1969، وتبنى اقتراحات أوستن، مؤكداً أن فعل القول لايمكن تحقيقه من دون قوة إنجازية فضلاً عن بيانه لأهمية المعنى والمحتوى في دراساته. تقف هذه الدراسة على بيان نقاط التقاطع بين النظريتين لتسليط الضوء على كيفية استخدام اللغة من لدن مستعمليها؛ لتحقيق أهداف تواصلية تبليغية قصد التأثير، فضلاً عن بيان التقارب الفكري والإجرائي بينهما؛ لأن سيرل تأثر بجاكوبسن في دراسته للأفعال الكلامية، فاستعمل مصطلحاتٍ أخرى تدل على هذه المفاهيم والإجراءات التي أجراها جاكوبسن على وظائف اللغة وأنواعها، فالوظائف التي أشار إليها (جاكوبسن) في دراسة اللغة انعكست تماما في تلك الأصناف التي ذكرها (سيرل) لتحديد الأفعال الكلامية من حيث التوجيه المضموني والتفسير الاستعمالي.