المبادئ القانونیة الناظمة لاستخدام میاه المجاری المائیة الدولیة دراسة فی أحکام اتفاقیة الأمم المتحدة لسنة ١٩٩٧-
الملخص
لم تکن الأنهار الدولیة واستخدامها فی القرن التاسع عشر وبدایة القرن العشرین من الأهمیة بحیث تتطلب تنظیما دولیا، إذ کانت احتیاجات الناس محدودة، وکان التطور العلمی والتقنی فی بدایاته الاولى، وانحصرت الاتفاقیات الدولیة التی أبرمت فی تلک الفترة على مسألة تنظیم الملاحة فی الأنهار الدولیة. إلا أنه مع بدایة القرن الحالی ومع التطور العلمی الهائل ازدادت أهمیة المیاه، وامتد الاهتمام لیشمل تولید الطاقة، ونشاطات التعدین، وإقامة السدود لزیادة المساحة المزروعة، ولحمایة الفائض من المیاه من الصرف فی البحر وحجزها وراء السدود، کذلک فقد أدت زیادة عدد السکان وحاجات الزراعة والصناعة إلى زیادة الطلب على المیاه، وقد ترتب على ذلک أمرین متناقضین، فمن ناحیة أصبحت الدول راغبة ومهتمة باستخدام المجاری المائیة الدولیة التی تقع داخل اختصاصها، ومن ناحیة ثانیة ازداد قلق الدول من أیة مشروعات قد تقوم بها دولة مطلة على النهر خشیة أن یکون لذلک آثار سیئة علیها، ونتیجة لهذا التوسع فی الاستخدام والانتفاع من هذه المیاه تضاربت مصالح الدول المشترکة فیها وتعذر فی کثیر من الأحیان عقد الاتفاقیات بینها لا یجاد التوازن بین المصالح المتضاربة. وقد أکدت اتفاقیة الأمم المتحدة بشأن قانون استخدام المجاری المائیة الدولیة فی الأغراض غیر الملاحیة لعام 1997 مبادئ عدیدة استقرت علیها الاتفاقیات الدولیة والأعراف، وهی تتجلى بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للموارد المائیة المشترکة، ومبدأ الالتزام بعدم التسبب فی ضرر ذی شأن، وهی مبادئ ترتبط بمبدأ الالتزام العام بالتعاون بین الدول، وتلزم هذه المبادئ وما یتفرع عنها من التزامات فرعیة وإجرائیة الدول المشترکة فی مجرى مائی دولی باستخدامه وتطویره وحمایته بطریقة عادلة ومعقولة، وألا تلحق الضرر بالدول الأخرى المشترکة معها، وان تفعل ذلک بروح التعاون، لان العنصر الأساس لمفهوم المشارکة هو تعاون دول المجرى المائی بهدف للوصول لاستخدام أمثل لمیاه المجری المائی الدولی.